الآية ليست في أهل الذمة، والحكم في ترافع الكفار إلينا أنه كان منهم أو من أحدهم التزام لأحكامنا أم منا التزام للذب عنهم وجب، لقوله تعالى {فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} وإلا لم يجب، ثم علل ذلك بقوله:{إن الله} أي الذي له صفات الكمال {يحب المقسطين} أي الفاعلين للعدل السوي من غير حيف أصلاً.
ولما كان التقدير: فكيف يحكمونك وهم يكذبونك ويدعون أنك مبطل، عطف عليه قوله معجباً منهم موبخاً لهم:{وكيف يحكمونك} أي في شيء من الأشياء {وعندهم} أي والحال أنه عندهم {التوراة} ثم استأنف قوله: {فيها حكم الله} أي الذي لا يداني عظمته عظمة وهو الذي كان مقرراً في شرعهم أنه لا يسوغ خلافه، فإن كانوا يعتقدون ذلك إلى الآن لم يجز لهم العدول إليك على زعمهم، وإن كانوا لا يعتقدونه ويعتقدون أن حكمك هو الحق ولم يؤمنوا بك كانوا قد آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
ولما كان الإعراض عن حكمه سبحانه عظيماً، وكان وقوعه ممن يدعي أنه مؤمن به بعيداً عظيماً شديداً، قال:{ثم يتولون} أي يكلفون أنفسهم الإعراض عنه سواء تأيد بحكمك به أو لا لأجل الأعراض الدنيوية، ولما كان المراد بالحكم الجنس، وكانوا يفعلون بعض أحكامها