للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الاجتماع كأنه شرع لكم من الدين محمول على الأصول {ولو شاء الله} أي الملك الأعظم المالك المطلق الذي له التصرف التام والأمر الشامل العام أن يجمعكم على شيء واحد {لجعلكم أمة} أي جماعة متفقة يؤم بعضها بعضاً، وحقق المراد بقوله: {واحدة} أي على دين واحد، ولم يجعل شيئاً من الكتب ناسخاً لشيء من الشرائع، لأن الكل بمشيئته، ولا مشيئة لأحد سواه إلا بمشيئته {ولكن} لم يشأ ذلك، بل شاء أن تكونوا على شرائع مختلفة {ليبلوكم} أي ليعاملكم معاملة المبتلى المختبر {فيما آتاكم} أي أعطاكم وقسم بينكم من الشرائع المختلفة ليبرز إلى الوجود ما تعملون في ذلك من اتباع وإذعان اعتقاداً أن ذلك مقتضى الحكمة الإلهية؛ فترجعون عنه إذا قامت البراهين بالمعجزات على صدق ناسخه، ونهضت الأدلة البينات على صحة دعواه بعد طول الإلف له وإخلاد النفوس إليه واستحكامه بمرور الأعصار وتقلب الأدوار؛ أو زيغ وميل اتهاماً وتجويزاً كما فعل أول المتكبرين إبليس، فتؤثرون الركون إليه والعكوف عليه لمتابعة الهوى والوقوف عند مجرد الشهوة.

ولما كان في الاختبار أعظم تهديد، سبب عنه قوله: {فاستبقوا الخيرات} أي افعلوا في المبادرة إليها بغاية الجهد فعل من يسابق شخصاً يخشى العار بسبقه له، ثم علل ذلك بقوله: {إلى الله} أي الشارع لذلك، لا إلى غيره، لأنه الملك الأعلى {مرجعكم جميعاً} وإن اختلفت

<<  <  ج: ص:  >  >>