تزهيداً فيهم وترهيباً لمتوليهم بقوله:{إن الله} أي الذي له الغنى المطلق والحكمة البالغة، وكان الأصل: لا يهديهم، أو لا يهديه، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال: الأصل: لا يهديهم، أو لا يهديه، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال:{لا يهدي القوم الظالمين *} أي الذين يضعون الأشياء في غير مواضعها، فهم يمشون في الظلام، فلذلك اختاروا غير دين الله ووالوا من لا تصلح موالاته، ومن لم يرد الله هدايته لم يقدر أحد أن يهديه، ونفي الهداية عنهم دليل على أن العبرة في الإيمان القلب، إذ معناه أن هذا الذي يظهر من الإقرار ممن يواليهم ليس بشيء، لأن الموالي لهم ظالم بموالاته لهم، والظالم لا يهديه الله، فالموالي لهم لا يهديه الله فهو كافر، وهكذا كل من كان يقول أو يفعل ما يدل دلالة ظاهرة على كفره وإن كان يصرح بالإيمان - والله الهادي، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبه المخالف في الدين واعتزاله - كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لا تراءى ناراهما» ومنه قول عمر لأبي موسى رضي الله عنهما حين اتخذ كاتباً نصرانياً: لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تأمنوهم إذ خونهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، وروي أن أبا موسى رضي الله عنه قال: لا قوام للبصرة إلا به،