أي أقروا بالإيمان! من يوالهم منكم - هكذا كان الأصل، ولكنه صرح بأن ذلك ترك الدين فقال:{من يرتد} ولو على وجه خفي - بما أشار إليه الإدغام في قراءة من سوى المدنيين وابن عامر {منكم عن دينه} أي الذي معناه موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله، فيوالون أعداءه ويتركون أولياءه، فيبغضهم الله ويبغضونه، ويكونون أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين، فالله غني عنهم {فسوف يأتي الله} اي الذي له الغنى المطلق والعظمة البالغة مكانهم وإن طال المدى بوعد صادق لا خلف فيه {بقوم} أي يكون حالهم ضد حالهم، يثبتون على دينهم، وهم أبو بكر والتابعون له بإحسان - رضي الله عنهم.
ولما كانت محبته أصل كل سعادة قدمها فقال:{يحبهم} فيثبتهم عليه ويثيبهم بكرمه أحسن الثواب {ويحبونه} فيثبتون عليه، ثم وصفهم بما يبين ذلك فقال:{أذلة} وهو جمع ذليل؛ ولما كان ذلهم هذا إنما هو الرفق ولين الجانب لا الهوان، كان في الحقيقة عزاً، فأشار إليه بحرف الاستعلاء مضمناً له معنى الشفقة، فقال مبيناً أن تواضعهم عن علو منصب وشرف:{على المؤمنين} أي لعلمهم أن الله يحبهم {أعزة على الكافرين} أي يظهرون الغلظة والشدة عليهم لعلهم أن الله خاذلهم ومهلكهم وإن اشتد أمرهم وظهر علوهم وقهرهم، فالآية