إلا الأفراد من خلص العباد، قال تعالى دالاً على ما ختم به الآية من عدم عقلهم آمراً لأعظم خلقه بتبكيتهم وتوبيخهم وتقريعهم:{قل} وأنزلهم بمحل البعد فقال مبكتاً لهم بكون العلم لم يمنعهم عن الباطل: {يا أهل الكتاب} أي من اليهود والنصارى {هل تنقمون} أي تنكرون وتكرهون وتعيبون {منا إلا أن آمنا} أي أوجدنا الإيمان {بالله} أي لما له من صفات الكمال التي ملأت الأقطار وجاوزت حد الإكثار {وما أنزل إلينا} أي لما له من الإعجاز في حالات الإطناب والتوسط والإيجاز {وما أنزل} .
ولما كان إنزال الكتب والصحف لم يستغرق زمان المضي، أثبت الجار فقال:{من قبل} أي لما شهد له كتابنا، وهذه الأشياء التي آمنا بها لا يحيد فيها عاقل، لما لها من الأدلة التي وضوحها يفوق الشمس، فحسنها لا شك فيه ولا لبس {وأن} أي آمنا كلنا مع أن أو والحال أن {أكثركم} قيد به إخراجاً لمن يؤمن منهم بما دل عليه التعبير بالوصف {فاسقون *} أي عريقون في الفسق، وهو الخروج عن دار السعادة بحيث لا يمكن منهم رجوع إلى المرضى من العبادة، فبين أنهم لا ينقمون من المؤمنين إلا المخالفة، والمخالفة إنما هي بإيمان المسلمين بالله وما أمر به، وكفر أهل الكتاب بجميع ذلك مع علمهم بما تقدم لهم أن من آمن بالله كان الله معه،