طغوت، وكل هذه المعاني تصلح ها هنا، أما اللات والعزى وغيرهما مما لم يعبدوه صريحاً فلتحسينهم دين أهله حسداً للإسلام وقد عبدوا الأوثان في كل زمان حتى في زمان موسى عليه السلام كما في نص التوراة: ثم بالغوا في النجوم لاستعمال السحر فشاركوا الصابئين في ذلك. فمعنى الآية: تنزلنا إلى أن نسبتكم لنا إلى الشر صحيحة، ولكن لم يأت كتاب بلعننا ولا بالغضب علينا ولا مسخنا قردة ولا خنازير، ولا عبدنا غير الله منذ أقبلنا عليه، وأنتم قد وقع بكم جميع ذلك، لا تقدرون أن تتبرؤوا من شيء منه، فلا يشك عاقل أنكم شر منا وأضل، والعاقل من إذا دار أمره بين شرين لم يختر إلا أقلهما شراً، فثبت كالشمس صحة دعوى أنهم قوم لا يعقلون، ولذلك ختم الآية بقوله {أولئك} أي البعداء البغضاء الموصوفون باللعن وما معه {شر مكاناً} وإذا كان ذلك لمكانهم فما ظنك بأنفسهم، فهو كناية عن نسبتهم إلى العراقة في الشر {وأضل} أي ممن نسبوهم إلى الشر والضلال، وسلم لهم ذلك فيهم إرخاء للعنان قصداً للإبلاغ في البيان {عن سواء} أي قصد وعدل {السبيل *} أي الطريق، ويجوز أن تكون الإشارة في ذلك إلى ما دل عليه الدليل الأول من عدم عقلهم ولا تنزل حينئذ، وإنما قلت: إنهم لا يقدرون على إنكار شيء