قال:{يسارعون} أي يفعلون في تهالكهم على ذلك فعل من يناظر خصماً في السرعة فيما هو فيه محق وعالم بأنه في غاية الخير، وكان موضع لأن يعبر بالضمير فيقال: فيه - أي الكفر فعبر عنه تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف إفادة لأن كفرهم عن حيلة هي في غاية الرداءة بقوله:{في الإثم} أي كل ما يوجب إثماً من الذنوب، وخص منه أعظمه فقال:{والعدوان} أي مجاوزة الحد في ذلك الذي أعظمه الشرك، ثم حقق الأمر وصوَّره بما يكون لوضوحه دليلاًعلى ما قبله من إقدامهم على الحرام الذي لا تمكن معه صحة القلب أصلاً، ولا يمكنهم إنكاره فقال:{وأكلهم السحت} أي الحرام الذي يستأصل البركة من أصلها فيمحقها، ومنه الرشوة، وكان هذا دليلاً على كفرهم لأنهم لون كانوا مؤمنين ما أصروا على شيء من ذلك، فكيف بجميعه! فكيف بالمسارعة فيه! ولذلك استحقوا غاية الذم بقوله:{لبئس ما كانوا} ولما كانوا يزعمون العلم، عبر عن فعلهم بالعمل فقال:{يعملون *} .
ولما كان المنافقون من الأميين وأهل الكتاب قد صاروا شيئاً واحداً في الانحياز إلى المصارحين من أهل الكتاب، فأنزل فيهم سبحانه هذه الآيات على وجه يعم غيرهم حتى تبينت أحوالهم وانكشف زيغهم ومحالهم - أنكر- على من يودعونهم أسرارهم ويمنحونهم مودتهم وأخبارهم من علمائهم وزهادهم - عدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، لكونهم