للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتعبير بالفعل الدال على داعية هي الردع بأن قال: {وإن لم تفعل} أي وإن لم تبلغ جميع ذلك، أو إن لم تعمل به {فما بلغت رسالته} لأن من المعلوم أن ما تقع على كل جزء مما أنزل، فلو ترك منه حرف واحد صدق نفي البلاغ لما أنزل، ولأن بعضها ليس بأولى بالإبلاغ من بعض، فمن أغفل شيئاً منها فكأنه أغفل الكل، كما أن من لم يؤمن ببعضها لم يؤمن بكلها، لإدلاء كل منها بما يدليه الآخر، فكانت لذلك في حكم شيء واحد، والمعنى: فلنجازينك، ولكنه كنى بالسبب عن المسبب إجلالاً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإفادة لأن المؤاخذة تقع على الكل، لأنه ينتفي بانتفاء الجزء.

ولما تقدم أنهم يسعرون الحروب، ويسعون في إيقاع أشد الكروب، وكان ذلك - وإن وعد سبحانه بإخماده عند إيقاده - لا يمنع من تجويز أنه لا يخمد إلا بعد قتل ناس وجراح آخرين، وكان كأنه قيل: إذا بلغ ذلك وهو ينقّص أديانهم خيف عليه، قال: {والله} أي بلغ أنت والحال أن الذي أمرك بذلك وهو الملك الأعلى الذي لا كفوء له {يعصمك} أي يمنعك منعاً تاماً {من الناس} أي من أن يقتلوك قبل إتمام البلاغ وظهور الدين، فلا مانع من إبلاغ شيء منها لأحد من الناس كائناً من كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>