للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طمع فتنصب، وتارة بمعنى علم فترفع، فإن رفع هنا كان الحسبان بمعنى العلم عندهم لقوة عنادهم، وإن نصب كان بمعنى الطمع لأنهم عالمون بأن قتلهم لهم خطأ، فتنزل القراءتان على فريقين - والله أعلم، وأيضاً فقراءة الرفع تفيد تأكيد حسبانهم المفيد لعدم خوفهم بزيادة عماهم {فعموا} أي فتسبب عن إدلالهم إدلال الولد والمحبوب جهلاً منهم وحماقة بظنهم أنهم لا تنالهم فتنة أنهم وُجِد عماهم العمى الذي لا عمى في الحقيقة سواه، وهو انطماس البصائر

{فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [الحج: ٤٦] حتى في زمن موسى عليه السلام {وصموا} أي بعده وبعد يوشع عليهما السلام، لأن الصمم أضر من العمى، فصاروا كمن لا يهتدي إلى سبيل أصلاً، لأنه لا بصر له بعين ولا قلب ولا سمع {ثم تاب الله} أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال {عليهم} أي فرجعوا إلى الحق وتكرر لهم ذلك {ثم عموا} أي في زمن المسيح عليه السلام {وصموا} أي بعده.

ولما كان الإتيان بالضمير مفهماً لأن ذلك عمهم كلهم، أعلم سبحانه أن ذلك ليس كذلك بقوله: {كثير منهم} إلا أن سوقه للعبارة هذا المساق يدل على أن من لم يكفر منهم كان مزلزلاً غير راسخ القدم في الهدى - والله أعلم، وربما دل عليه قوله: {والله} أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً {بصير بما يعملون *} أي وإن دق وإن كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>