عليهم ثياب الصوف، اثنان وستون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، وهم بحيرا الراهب وأبرهة وإدريس وأشرف وثمامة وقثم ودريد وأيمن، فقرأ عليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى! فأنزل الله فيهم هذه الآية {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا}[المائدة: ٨٢]- إلى آخرها، ذكر ذلك الواحدي في أسباب النزول بغير سند، ثم أسند عن سعيد بن جبير في قوله تعالى:{ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً}[المائدة: ٨٢] قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيار أصحابه ثلاثين رجلاً، فقرأ عليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يس فبكوا، فنزلت فيهم هذه الآية. وإذا نظرت مكاتبات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للملوك ازددت بصيرة في صدق هذه الآية، فإنه ما كاتب نصرانياً إلا آمن، أو كان ليناً ولو لم يسلم كهرقل والمقوقس وهوذة بن علي وغيرهم، وغايتهم أنهم ضنوا بملكهم، وأما غير النصارى فإنهم كانوا على غاية الفظاظة ككسرى فإنه مزق كتابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يجز رسوله بشيء، وأما اليهود فكانوا جيران الأنصار ومواليهم