حرمت الخمر، قالوا: أهرق هذه القلال يا أنس! فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل» وفي رواية عنه: «حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب إلا قليلاً، وعامة خمرنا البسر والتمر» قال الأصبهاني: وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام.
ولما كانت حكمة النهي عن الأنصاب والأزلام قد تقدمت في أول السورة، وهي أنها فسق، اقتصر على بيان علة النهي عن الخمر والميسر إعلاماً بأنهما المقصودان بالذات، وإن كان الآخرينَ ما ضما إلا لتأكيد تحريم هذين - كما تقدم، لأن المخاطب أهل الإيمان، وقد كانوا مجتنبين لذينك، فقال مؤكداً لأن الإقلاع عما حصل التمادي في المرون عليه يحتاج إلى مثل ذلك:{إنما يريد الشيطان} أي بتزيين الشرب والقمار لكم {أن يوقع بينكم العداوة} .
ولما كانت العداوة قد تزول أسبابها، ذكر ما ينشأ عنها مما إذا استحكم تعسر أو تعذر زواله، فقال:{والبغضاء في الخمر والميسر} أي تعاطيهما لأن الخمر تزيل العقل، فيزول المانع من إظهار الكامن من الضغائن والمناقشة والمحاسدة، فربما أدى ذلك إلى حروب طويلة وأمور مهولة، والميسر يذهب المال فيوجب ذلك الإحنة على من سلبه ماله ونغص عليه أحواله.
ولما ذكر ضررهما في الدنيا، ذكر ضررهما في الدين فقال: