فهرقتها، فقال بعض القوم: قد قتل فلان وفلان وهي في بطونهم؟ فأنزل الله تعالى {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح} على أنه لو لم يرد هذا السببُ كانت المناسبة حاصلة، وذلك أنه تعالى لما أباح الطيب من المأكل وحرم الخبيث من المشرب، نفى الجناح عمن يأكل ما أذن فيه أو يشرب عدا ما حرمه. فأتى بعبارة تعم المأكل والمشرب فقال:{فيما طعموا} أي مأكلاً كان أو مشرباً، وشرط ذلك عليهم بالتقوى ليخرج المحرمات فقال:{إذا ما اتقوا} أي أوقعوا جميع التقوى التي تطلب منهم فلم يطعموا محرماً.
ولما بدأ بالتقوى وهي خوف الله الحامل على البعد عن المحرمات، ذكر أساسها الذي لا تقبل إلا به فقال:{وآمنوا} ولما ذكر الإقرار باللسان، ذكر مصداقه فقال:{وعملوا} أي بما أداهم إليه اجتهادهم بالعلم لا اتفاقاً {الصالحات ثم اتقوا} أي فاجتنبوا ما جدد عليهم تحريمه {وآمنوا} أي بأنه من عند الله، وأن الله له أن يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، وهكذا كلما تكرر تحريم شيء كانوا يلابسونه.
ولما كان قد نفى الجناح أصلاً ورأساً، شرط الإحسان فقال:{ثم اتقوا وأحسنوا} أي لازموا التقوى إلى أن أوصلتهم إلى مقام المراقبة، وهي الغنى عن رؤية غير الله، فأفهم ذلك أن من لم يبلغ