بما يكفّهم ذكره عن المخالفة:{يا أيها الذين آمنوا} أي أوقعوا الإيمان ولو على أدنى وجوهه، فعم بذلك العالي والداني {ليبلونكم الله} أي يعاملكم معاملة المختبر في قبولكم تحريم الخمر وغيره المحيط بكل شيء قدرة وعلماً، وذكر الاسم الأعظم إشارة بالتذكير بما له من الجلال إلى أن له أن يفعل ما يشاء، وأشار إلى تحقير البلوى تسكيناً للنفوس بقوله:{بشيء من الصيد} أي الصيد في البر في الإحرام، وهو ملتفت إلى قوله:{هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله}[المائدة: ٦٠] وشارح لما ذكر أول السورة في قوله {غير محلي الصيد وأنتم حرم} ، وما ذكر بعد المحرمات من قوله:{فكلوا مما أمسكن عليكم}
[المائدة: ٤] ، ووصف المبتلى به بوصف هو من أعلام النبوة فقال:{تناله أيديكم} أي إن أردتم أخذه سالماً {ورماحكم} إن أردتم قتله، ثم ذكر المراد من ذلك وهو إقامة الحجة على ما يتعارفه العباد بينهم فقال:{ليعلم الله} أي وهو الغني عن ذلك بما له من صفات الكمال التي لا خفاء بها عند أحد يعلم هذا الاسم الأعظم {من يخافه بالغيب} أي بما حجب به من هذه الحياة الدنيا التي حجبتهم عن أن يعرفوه حق معرفته سبحانه، والمعنى أنه يخرج بالامتحان ما كان من أفعال العباد في عالم الغيب إلى عالم الشهادة، فيصير تعلق العلم به تعلقاً شهودياً كما كان تعلقاً غيبياً لتقوم بذلك الحجة على الفاعل في مجاري عاداتهم، ويزداد من