تحصيلها ولا يتحاشى عن مخالفته في طريقته بل يعد الكدح في تحصيلها والتعمق في اقتناصها وحسن السعي في تثميرها ولطف الحيلة في توسيعها من معالي الأخلاق وإصالة الرأي وجودة النظر على أن ذلك ظل زائل وعرض تافه، فكيف لا يخالفه فيما به سعادته الأبدية وحياته الباقية ويأخذ بالحزم في ذلك ويشمر ذيله في أمره ويسهر ليله في إعمال الفكر وترتيب النظر فيما أمره الله بالنظر فيه حتى يظهر له الحق فيتبعه، وينهتك لديه الباطل فيجتنبه، ما ذاك إلا لمجرد الهوى، وقد كان الحزم العمل بالحكمة التي كشفها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله فيما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن شداد بن أوس رضي الله عنه «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» وروى مسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير أحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا - وقال ابن ماجه: ولا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا - فإن» لو «تفتح عمل الشيطان» ، وفي بعض طرق الحديث:«ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل» يعني: والله! اعمل عمل الحزمة فأوسع النظر حتى لا تترك أمراً يحتمل أن ينفعك ولا يضرك إلا أخذت به، ولا تدع أمراً يحتمل أن يضرك