للواقع، ولهذا عللوا بقولهم:{إنك أنت} أي وحدك {علام الغيوب *} أي كلها، تعلمها علماً تاماً فكيف بما غاب عنا من أحوال قومنا! فكيف بالشهادة! فكيف بما شهدنا من ذلك! وهذا في موضع قولهم: أنت أعلم، لكن هذا أحسن أدباً، فإنهم محوا أنفسهم من ديوان العلم بالكلية، لأن كل علم يتلاشى إذا نسب إلى علمه ويضمحل مهما قرن بصفته أو اسمه.
ولما كان سؤاله سبحانه للرسل عن الإجابة متضمناً لتبكيت المبطلين وتوبيخهم، وكان أشد الأمم افتقاراً إلى التوبيخ أهل الكتاب، لأن تمردهم تعدى إلى رتبة الجلال بما وصفوه سبحانه به من اتخاذ الصاحبة والولد، ومن ادعاء الإلهية لعيسى عليه السلام لما أظهر من الخوارق التي دعا بها إلى الله مع اقترانها بما يدل على عبوديته ورسالته لئلا يهتضم حقه أو يُغلى فيه، مع مشاركتهم لغيرهم في أذى الرسل عليهم السلام بالتكذيب وغيره، وكان في الآية السالفة ذكر الآباء وما آثروا للأبناء، ذكر أمر عيسى عليه السلام بقوله مبدلاً من قوله:{يوم يجمع الله} معبراً بالماضي تذكيراً بما لذلك اليوم من تحتم الوقوع، وتصويراً لعظيم تحققه، وتنبيهاً على أنه لقوة قربه كأنه