المقام من تبكيتهم وتوبيخهم وتقريعهم، وأطلعهم بما يقتضيه أداة الاستعلاء - على ما له سبحانه من صفات العظمة من الكبرياء والانتقام من التربية إذ لم يشكروا إحسانه في تربيتهم، وسياق الآية يقتضي أن يكون الجواب: لرأيتهم قد منعتهم الهيبة وعدم الناصر وشدة الوجل من الكلام، فكأن سائلاً قال: المقام يرشد إلى ذلك حتى كأنه مشاهد فهل يكلمهم الله لما يشعر به التعبير بوصف الربوبية؛ قيل: نعم، لكن كلام إنكار وإخزاء وإذلال {قال أليس هذا} أي الذي أتاكم به رسولي من أمر البعث وغيره مما ترونه الآن من دلائل كبريائي {بالحق} أي الأمر الثابت الكامل في الحقية الذي لا خيال فيه ولا سحر {قالوا} أي حين إيقافهم عليه، فكان ما أراد:{بلى} ، وزادوا على ما أمروا به في الدنيا القسم فقالوا:{وربنا} أي الذي أحسن إلينا بأنواع الإحسان، وكأن كلامهم هذا منزل على حالات تنكشف لهم فيها أمور بعد أخرى، كل أمر أهول مما قبله، ويوم القيامة - كما قال ابن عباس رضي الله عنهما - ذو ألوان: تارة لا يكلمهم الله، وتارة يكلمهم فيكذبون، وتارة يسألهم عن شيء فينكرون، فتشهد