ولما كان هذا أمراً مفظعاً، زاد في تفظيعه بالإخبار في جملة حالية بشدة تعبهم في ذلك الموقف ووهن ظهورهم بذنوبهم، حتى كأن عليهم أحمالاً ثقالاً فقال:{وهم} أي وقالوا ذلك والحال أنهم {يحملون أوزارهم} أي أحمال ذنوبهم التي من شأنها أن يثقل، وحقق الأمر وصوره بقوله:{على ظهورهم} لاعتقاد الحمل عليه، كما يقال: ثقل عليك كلام فلان، ويجوز أن يجسد أعمالهم أجساداً ثقالاً، فيكلفوا حملها؛ ولما كان ذلك الحمل أمراً لا يبلغ الوصف الذي يحتمله عقولنا كل حقيقة ما هو عليه من البشاعة والثقل، أشار إلى ذلك بقوله جامعاً للمذام:{ألا ساء ما يزرون *} .
فلما تأكد أمر البعث غاية التأكد، ولم يبق فيه لذي لب وقفة، صرح بما اقتضاه الحال من أمر هذه الدار، فقال منبهاً على خساستها معجباً منهم في قوة رغبتهم في إيثار لذاذتها، معلماً بأنه قد كشف الحال عن أن ما ركنوا إليه خيال، وما كذبوا به حقيقة ثابتة ليس لها زوال، عكس ما كانوا يقولون:{وما الحياة الدنيا} .
ولما كان السياق للخسارة، وكانت أكثر ما تكون من اللعب - وهو فعل ما يزيد سرور النفس على وجه غير مشروع، ويسرع انقضاؤه -