لأن الله قد شاء ضلال بعضهم، والمراد بهذا بيان شدة حرصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هدايتهم بأنه لو قدر على أن يتكلف النزول إلى تحت الأرض أو فوق السماء فيأتيهم بما يؤمنون به لفعل.
ولما كان هذا السياق ربما أوهم شيئاً في القدرة، نفاه إرشاداً إلى تقدير ما قدرته فقال:{ولو شاء الله} أي الذي له العظمة الباهرة والقدرة الكاملة القاهرة {لجمعهم على الهدى} أي لأن قدرته شاملة، وإيمانهم في حد ذاته ممكن، ولكنه قد شاء افتراقهم بإضلال بعضهم؛ ولما كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد إعلام الله له بما أعلم من حكمه بأن الآيات لا تنفع من حتم بكفره - حريصاً على إجابتهم إلى ما يقترحونه رجاء جمعهم على الهدى لما طبع عليه من مزيد الشفقة على الغريب فضلاً عن القريب، مع ما أوصاه الله به ليلة الإسراء من غير واسطة - كما أفاده الحرالي - من إدامة الشفقة على عباده والرحمة لهم والإحسان إليهم واللين لهم وإدخال السرور عليهم، فتظافر على ذلك الطبع والإيصاء حتى كان لا يكف عنه إلا لأمر جازم أو نهي مؤكد صارم، سبب عن ذلك قوله:{فلا تكونن} فأكد الكلام سبحانه ليعلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قد حتم بافتراقهم، فيسكن إلى ذلك