لكونه سؤالاً عن معلوم لا يجهله أحد - مشيراً إلى أن السؤال عن غيره مما قد يخفى من أحوال النفس، كان كأنه قيل: عن أيّ أحوال نفوسنا نُسأل؟ فقيل تنبيهاً لهم على حالة تلزمهم بالتوحيد أو العناد الذي يصير في العلم به كالسؤال عن رؤية النفس سواء:{إن أتاكم} أي قبل مجيء الساعة كما آتى من قبلكم {عذاب الله} أي المستجمع لمجامع العظمة، فلا يقدر أحد على كشف ما يأتي به {أو أتتكم الساعة} أي القيامة بما فيها من الأهوال.
ولما عجب منهم بما مضى - كما مضى، قال مجيباً للشرط موبخاً لهم منكراً عليهم عدم استمرارهم على دعائه ولزوم سؤاله وندائه، ويجوز أن يكون جواب الشرط محذوفاً تقديره: من تدعون؟ ثم زادهم توبيخاً وتبكيتاً بقوله:{أغير الله} أي الملك الذي له العظمة كلها {تدعون} أي لشدة من تلك الشدائد، ولا تدعون الله مع ذلك الغير {إن كنتم صادقين *} أي في أن غير الله يغني شيئاً حى يستحق الإلهية، وجواب الشرط محذوف تقديره: فادعوا ذلك الغير، وهذه حجة لا يسعهم معها غيرُ التسليم، فإن عادتهم كانت مستمرة أنهم إذا اشتد الأمر وضاق الخناق لا يدعون غير الله ولا يوجهون الهمم إلا إليه، فإن سلكوا سبيل الصدق الذي له ينتحلون وبه يتفاخرون فقالوا: لا ندعو غيره، فقد لزمتهم الحجة في أنه لا يعدل به شيء ولا شريك له،