للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين تجردوا فتعودوا استحضار المعقولات المجردة، والقرآن إنما أنزل لنفع جميع الخلق: الذكي منهم والغبي، فكان ذكر المحسوسات الداخلة تحت القضية العقلية الكلية معيناً على تصور ذلك المعقول ورسوخه في القلب، فقال مؤكداً لهذا المعقول الكلي المجرد بمثال داخل تحته يجري مجرى المحسوس، وعطفُه بالواو عطفَ الخاص على العام إشارة إلى تعظيمه فقال: {ويعلم ما في البر} وقدمه لأن الإنسان أكثر ملابسة له بما فيه من القرى والمدن والمفاوز والجبال والتلال وكثرة ما بها من الحيوان والنبات النجم وذي الساق والمعادن {والبحر} وأخره لأن إحاطة العقل بأحواله أقل وإن كان الحس يدل على أن عجائبها أكثر، وطولها وعرضها أعظم، وما فيها من الحيوانات وأجناس المخلوقات أعجب، فكان هذا الأمر المحسوس مقوياً لعظمة ذلك الأمر المعقول.

ولما ذكر ما يعم الثابت والمنتقل: خص المنتقل تنصيصاً على الجزئيات وتعظيماً للعلم بتعظيم المعلومات فقال: {وما تسقط} وأغرق في النفي بقوله: {من ورقة} ونكرها إتماماً للتعميم {إلا يعلمها} ولما كان هذا مع عظمه ظاهراً، ذكر ما هو أدق منه فقال: {ولا} أي

<<  <  ج: ص:  >  >>