التذكر لهذا النهي {مع القوم الظالمين *} أظهر موضع الإضمار تعميماً ودلالة على الوصف الذي هو سبب الخوض، وهو الكون في الظلام.
ولما كانت هذه الآية مكية، وكانوا إذ ذاك عاجزين عن الإنكار بغير القلب، قال:{وما على الذين يتقون} أي يخافون الله فلا يكذبون بآياته في مجالسة الكفرة {من حسابهم} أي الخائضين إذا كانوا أقوى منهم {من شيء} وما نهينا عن المجالسة لأن عليهم فيها - والحالة هذه - إثماً {ولكن} نهينا لتكون المفارقة إظهاراً للكراهة {ذكرى} للخائضين لاستحيائهم من أذى الجليس {لعلهم يتقون *} أي ليكون حالهم بذلك حال من يرجى منه التقوى، فيجتنب الخوض في الآيات إكراماً للجليس.
ولما أبرز هذا الأمر في صيغة النهي، أعاده بصيغة الأمر اهتماماً به وتأكيداً له، وأظهر لهم وصفاً آخر هو غاية الوصف الأول مع ما ضم إليه من الإرشاد إلى الإنقاذ من المعاطب فقال:{وذر} أي اترك أي ترك كان ولو كان على أدنى الوجوه {الذين اتخذوا} أي كلفوا أنفسهم في اتباع الهوى بمخالفة العقل المستقيم والطبع الفطري السليم بأن أخذوا {دينهم} على نمط الأسخف من دنياهم؛ ولما كان