من أحوالكم، فاحذروا جزاءه يوم تنقطع الأسباب، ويذهب التعاضد والتعاون، وهو على عادته سبحانه في أنه ما ذكر أحوال البعث إلاّ قرر فيه أصلين: القدرة على جميع الممكنات، والعلم بجميع المعلومات الكليات والجزئيات، لأنه لا يقدر على البعث إلا من جمع الوصفين {وهو} أي وحده {الحكيم} أي التام الحكمة، فلا يضع شيئاً في غير محله ولا على غير أحكام، فلا معقب لأمره، فلا بد من البعث {الخبير *} بجميع الموارد والمصادر، فلا خفاء لشيء من أفعال أحد من الخلق عليه في ظاهر ولا باطن ليهملهم عن الحساب.
ولما كان مضمون هذه الآيات مضمون الآيات الثلاث المفتتح بها السورة الهادمة لمذهب الثنوية، وهم أهل فارس قوم إبراهيم عليه السلام، وكان إبراهيم عليه السلام يعرف بفضله جميع الطوائف، لأن أكثرهم من نسله كاليهود والنصارى والمشركين من العرب، والمسلمون لما يعلمون من إخلاصه لله تعالى وانتصابه لمحاجة من أشرك به واحتمال الأذى فيه سبحانه، تلاها بمحاجته لهم بما أبطل مذهبهم وأدحض حججهم فقال:{وإذ} أي اذكر ذلك المتقدم كله لهم في الدلائل على اختصاصنا بالخلق وتمام القدرة، ما أعظمه وما أجله وأضخمه! وتفكر في عجائبه وتدبر في دقائقه وغرائبه تجد ما لا يقدر على مثله إلا الله، واذكر إذ {قال إبراهيم} أي اذكر قوله، وحكمة