عليه من عظمتنا بضد ذلك من الاستهانة بأوامرنا {وراء ظهوركم} فما أغنى عنكم ما كنتم منه تستكبرون.
ولما كانوا يعدون الأصنام آلهة، ويرجون شفاعتها، إما استهزاء، وإما في الدنيا، وإما في الآخرة - على تقدير التسليم لصحة البعث، قال تهكماً بهم واستهزاء بشأنهم:{وما نرى معكم شفعاءكم} أي التي كنتم تقولون فيها ما تقولون {الذين زعمتم} أي كذباً وجراءة وفجوراً {أنهم فيكم شركاء} أي أن لهم فيكم نصيباً مع الله حتى كنتم تعبدونهم في وقت الرخاء وتدعونه في وقت الشدة، أروناهم لعلهم سترهم عنا ساتر أو حجبنا عنهم حاجب؛ ثم دل على بهتهم في جواب هذا الكلام الهائل المرعب حيرة وعجزاً ودهشاً وذلاً بقوله:{لقد تقطع} أي تقطعاً كثيراً.
ولما كان ذكر البين في شيء يدل على قربه في الجملة وحضوره ولو في الذهن، لأنه يقال: بيني وبين كذا كذا، وكان فلان بيننا، ونحو ذلك مما يدل على الحضور؛ قال منبهاً على زوال ذلك حتى بالمرور بالبال والخطور في الذهن لشدة الاشتغال {بينكم} فأسند القطع المبالغ فيه إلى البين، وإذا انقطع البين تقطّع ما كان فيه من الأسباب التي كانت تسبب الاتصال، فلم يبق لأحد منهم اتصال