معنى الكلام، سبب عنه قوله:{فأنَّى} أي فكيف ومن أيّ وجه {تؤفكون *} أي تصرفون وتقلبون عما ينبغي اعتقاده.
ولما وصف سبحانه وتعالى نفسه المقدسة من فلق الجواهر بما اقتضى حتماً اتصافه بصفات الكمال، وقدمه لكونه من أظهر أدلة القدرة على البعث الذي هذا أسلوبه، مع الإلف له بقربه ومعالجته، أتبعه ما هو مثله في الدلالة على الإحياء لكنه في المعاني وهو سماوي، شارحاً لما أشار إليه الخليل عليه السلام في محاجة قومه من إبطال إلهية كل من النور والظلمة والكواكب التي هي منشأ ذلك، فقال ترقية من العالم السفلي إلى العالم العلوي:{فالق الإصباح} أي موجده، وحقيقته: فالق ظلمة الليل عن الصباح، لكنه لما كثر استعماله وأمن اللبس فيه أسند الفعل إلى الصبح، كما يقال: انفجر الصبح، وانفجر عنه الليل، ويمكن أن يراد بالفلق الكشف، لأنه يكشف من المفلوق ما كان خفياً، فعبر عن المسبب الذي هو الإظهار بالسبب الذي هو الفلق، وعبر عن الصباح بهذه الصيغة التي يقال المدخول في الصبح لتصلح لإرادة فلق السكون بالنور أو غيره عن التصرف بالحركة المرتبة على الدخول في الصبح، فدلنا ذلك على وجاعل الإصباح حركة وسادل الليل {وجاعل الَّيل} بما يكون من إظلامه {سكناً} يسكن الناس فيه وإليه ويستريحون فيه، فالآية من الاحتباك: حذف من الأول الحركة ودل