{والقمر} أي الذي هو آية الليل {حسباناً} أي ذويّ حسبان وعَلَمَين عليه، لأن الحساب يعلم بدورهما وسيرهما، وبسبب ذلك نظم سبحانه مصالح العالم في الفصول الأربعة، فيكون عن ذلك ما يحتاج إليه من نضج الثمار وحصول الغلات، وعبر عنهما بالمصدر المبني على هذه الصيغة البليغة إشارة إلى أن الحساب بهما أمر عظيم كبير النفع كثير الدخول، مع ما له من الدنيا في أبواب الدين فهو جل نفعهما الذي وقع التكليف به، فكأنه لما كان الأمر كذلك، كان حقيقتهما التي يعبر عنهما بها، وأما غير ذلك من منافعهما فلا مدخل للعباد فيه.
ولما كان هذا أمراً باهراً ووصفاً قاهراً، أشار إليه بأداة البعد فقال:{ذلك} أي التقدير العظيم الذي تقدم من الفلق وما بعده {تقدير العزيز} أي الذي لا يغالب فهو الذي قهرهما على ما سيّرهما فيه، وغلب العباد على ما دبر من أمرهم بهما، فلو أراد أحد أن يجعل ما جعله من النوم يقظة واليقظة نوماً، أو يجعل محل السكن للحركة أو بالعكس أو غير ذلك مما أشارت إليه الآية لأعياه ذلك {العليم *} أي الذي جعل ذلك بعلمه على منهاج لا يتغير وميزان قويم لا يزيغ.