للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقدم على الفاكهة؛ فإنها خلقت من طينة آدم؛ ثم أبدل مما أجمل من ذلك قوله مبيناً: {من طلعها} أي النخل، وهو أول ما يخرج منها في أكمامه {قنوان} جمع قنو، وهو العذق بالكسر للشمراخ وهو الكباسة، والعرجون عوده الذي يكون فيه البسر {دانية} أي قريبة التناول وإن طال أصلها بما علمكم وسهل لكم من صنعة الوصول إليها.

ولما لم يكن لهم من معالجة الأعناب وغيرها ما لهم من معالجة النخيل، عطف على «نبات» منبهاً لهم على أنها - كالنخيل - هو سبحانه المتفرد بإبداعها كما تقدم - فقال: {وجنات} أي بساتين {من أعناب} وجمعها لكثرة أنواعها، وبدأ بهاتين الشجرتين لفضلهما كما تقدم على غيرهما، لأن ثمرهما فاكهة وقوت، وقدم الأول لأنهم له أكثر ملابسة، وإن كان العنب أشرف أنواع الفواكه، فإنه ينتفع به من أول ظهوره لأنه أولاً يكون له خيوط خضر دقيقة حامضة لذيذة، ثم تكون الحصرم، وهو طعام شريف للأصحاء والمرضى، وقد يتخذ منه رُبّ الحصرم وأشربة لطيفة المذاق نافعة لأصحاب الصفراء، ويطبخ منه ألذ الأطعمة الحامضة، وهو عنباً ألذ الفواكه وأشهاها، ويدخر عنباً قريباً من سنة، ويكون زبيبه غذاء، ويكون منه الدِبس والخل وغير ذلك، وأحسن ما فيه عجمه، وهو يتخذ منه جوارشات عظيمة النفع للمعدة الضعيفة الرطبة

<<  <  ج: ص:  >  >>