يزعمون بها العقل والعلم، ويسندون إليها الأفعال، أجري الكلام على زعمهم لأنه في الكف عنها فقال:{الذين يدعون} أي دعاء عبادة من الأصنام أو غيرهم بذكر ما فيهم من النقص، ثم بين دفعاً لتوهم إكرامهم أنهم في سفول بقوله:{من دون الله} أي الملك الأعلى الذي لا كفوء له عدلاً، بعلم منكم بما لهم من المعايب، بل أعرضوا عن غير دعائهم إلى الله حتى عن سب آلهتهم بما تستحقه، فإنا زينا لهم أعمالهم فغرقوا مع غزارة عقولهم فيما لا يرتضيه عاقل، وكذبوا بجميع الآيات الموجبة للإيمان، فربما جرهم سبُّكم لها - لما عندهم من حمية الجاهلية - إلى ما لا يليق {فيسبوا} أي فيتسبب عن ذلك أن يسبوا {الله} أي الذي تدعونه وله الإحاطة بصفات الكمال، وأظهر تصريحاً بالمقصود وإعظاماً لهذا وتهويلاً له وتنفيراً منه.
ولما كان الخنو يوجب الإسراع، أشار إليه سبحانه بقوله:{عدواً} أي جرياً إلى السب؛ ولما كان العدو قد يكون مع علم، قال مبيناً لأنه يراد به مع الإسراع أنه مجاوز للحد:{بغير علم} لأنا زينا لهم عملهم، فالطاعة إذا استلزمت وجود منكر عظيم احترز منه ولو أدى الحال إلى تركها وقتاً ما، لتحصل القوة على دفع ذلك المنكر، فحكم الآية باق وليس بمنسوخ.