{مفصلاً} أي مميزاً فيه الحلال والحرام، وغير ذلك من جميع الأحكام، مع ما تفيده فواصل الآيات من اللطائف والمعارف الكاشفة لحقائق البدايات والنهايات، ولقد اشتد الاعتناء في هذه السورة بالتنبيه على التفصيل لوقوع العلم من أرباب البصائر في الصنائع بأن من لا يحسن التفصيل لا يتقن التركيب.
ولما كان التقدير: فأنتم وجميع أرباب البلاغة تعلمون حقيقته بتفصيله والعجز عن مثيله، عطف عليه قوله:{والذين} ويجوز أن يكون جملة حالية {آتيناهم} أي بعظمتنا التي تعرفونها ويعرفون بها الحق من الباطل {الكتاب} أي المعهود إنزاله من التوراة والإنجيل والزبور {يعلمون} أي لما لهم من سوابق الأنس بالكتب الإلهية {أنه منزل} .
ولما تقدم ذكر الجلالة الشريفة في حاق موضعه في سياق الحكم الذي لا يكون إلا مع التفرد بالكمال، وكان هذا المقام بسياق الإنزال يقتضي الإحسان، لم يضمر بل قال:{من ربك} أي المحسن إليك بما خصك به في هذا الكتاب من أنواع الفضائل {بالحق} أي الأكمل لما عندهم به من البشائر في كتبهم ولما له من موافقتها في ذكر الأحكام المحكمة والمواعظ الحسنة وكثرة ذكر الله على وجوه ترقق القلوب