ولا يسكن كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر» - أخرجه مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه؛ ثم علل ذلك بقوله:{إن الذين يكسبون الإثم} أي ولو بأخفى أنواع الكسب، بما دل عليه تجريد الفعل، وهو الاعتقاد للاسم الشريف.
ولما كان العاقل من خاف من مطلق الجزاء بني للمفعول قوله {سيجزون} أي بوعد لا خلف فيه {بما} أي بسبب ما {كانوا} بفاسد جبلاتهم {يقترفون *} أي يكتسبون اكتساباً يوجب الفرق وهو أشد الخوف ويزيل الرفق، وصيغة الافتعال للدلالة على أن أفعال الشر إنما تكون بمعالجة من النفس للفطرة الأولى السليمة.
ولما أمرهم بالأكل مما ينفعهم ويعينهم على شكره محذراً من أكل ما يعيش مرأى بصائرهم، أتبعه نهيهم نهياً جازماً خاصاً عن الأكل مما يضرهم في أبدانهم وأخلاقهم، وهو ما ضاد الأول في خلوه عن الاسم الشريف فقال {ولا تأكلوا مما لم يذكر} أي مما لا يقبل أن يذكر {اسم الله} أي الذي لا يؤخذ شيء إلا منه، لأن له الكمال كله فله الإحاطة الكاملة، وأشار بأداة الاستعلاء إلى الإخلاص ونفي الإشراك فقال:{عليه} أي لكون الله قد حرمه فصار نجس العين أو المعنى، فصار مخبثاً للبدن والنفس مما ذكر عليه غير اسمه سبحانه