معمماً ليعلم أن هذا إذا كان في التحريم والتحليل كان الكذب في أصول الدين أشد:{فمن أظلم} ووضع موضع «منكم» قوله معمماً ومعلقاً للحكم بالوصف: {ممن افترى} أي تعمد {على الله} أي الذي لا أعظم منه لأنه ملك الملوك {كذباً} كعمرو بن لحي الذي غير شريعة إبراهيم عليه السلام، وكل من فعل مثل فعله.
ولما كان يلزم من شرعهم لهذه الأمور إضلال من تبعهم فيها عن الصراط السوي، وكانوا يدعون أنهم أفطن الناس وأعرفهم بدقائق الأمور في بداياتها ونهاياتها وما يلزم عنها، جعل غاية فعلهم مقصوداً لهم تهكماً بهم فقال:{ليضل الناس} ولما كان الضلال قد يقع من العالم الهادي خطأ، قال:{بغير علم} .
ولما كان هذا محل عجب ممن يفعل هذا، كشفه سبحانه بقوله استئنافاً:{إن الله} وهو الذي لا حكم لأحد سواه لا يهديهم، هكذا كان الأصل ولكنه أظهر تعميماً بما هو أعم من وصفهم ليكون الحكم عليهم بطريق الأولى فقال:{لا يهدي القوم الظالمين} أي الذين يضعون الأشياء في غير مواضعها فكيف بالأظلمين! وما أحسن هذا الختم لأحكامهم وأنسبه لما بناها عليه من قوله {إنه لا يفلح الظالمون}[الأنعام: ٢١] .