على سد الرمق لأنه حينئذٍ لا يكون مضطراً {غير باغ} أي على غيره بمكيدة {ولا عاد} أي على غيره بقوته ولا متجاوز سد الضرورة {فإن ربك} أي المحسن إليك بإرسالك وإلى أمتك الضعيفة بجعل دينها الحنيفية السمحة {غفور} أي يمحو الذنب إذا أراد {رحيم} أي يكرم المذنب بعد الغفران بأنواع الكرامات، فهو جدير بأن يمحو عن هذا المضطر أثر تلك الحرمة التي كدرها ويكرمه بأن يجعل له - في حفظه بذلك لنفسه إذا صحت فيه نيته - أجراً عظيماً، وقد تكلفت الآية على وجازتها بجميع المحرمات من المأكولات مع الإشارة بلفظ الرجس والفسق إلى جميع أصناف المحرمات وإلى أن ارتكابها موجب للخبث والانسلاخ من الخير، وذلك هو سبب تحريمها؛ قال الأستاذ أبو الحسن الحرالي في كتاب العروة: وجه إنزال هذا الحرف - أي حرف الحرام - طهرة الخلق من مضار أبدانهم ورجاسة نفوسهم ومجهلة قلوبهم، فما اجتمعت فيه كان أشد تحريماً وما وجد فيه شيء منها كان تحريمه بحسب تأكد الضرورة إلى طهرته، وكما اختلف أحوال بني آدم بحسب اختلاف طينتهم من بين خبيث وطيب وما بين ذلك، اختلف أحوالهم فيما به تجدد خلقهم من رزقهم، فمن اغتذى بدنه من شيء ظهرت أخلاق نفس ذلك المغتذى به وأوصافه في نفسه، ورين على القلب أو صفاء، لتقويه بما يسمى عليه من ذكر الله أو كفر به