من اعتذى جسمه بلحم حيوان اغتذت نفسه بنفسانية ذلك الحيوان وبخلق من أخلاقه، وفي نفس الخنزير مجامع رذائل الأخلاق من الإباء والحران والمكر والإقدام على ما يعانيه فيه الهلاك ومتابعة الفساد، والانكباب على ما تقبل عليه في أدنى الأشياء على ما أظهرت في خلقته آياته فإنه ليس له استشراف كذوات الأعناق، وكذلك ما يضر بهما وبالعقل كالخمر في نزفها للعقل وتصديعها للرأس وإيقاعها العداوة والبغضاء في خلق النفس، ولذلك هي جماع الإثم، فالمتبصر في المحرمات يأنف منها لما يدري من مضرتها وأذاها في الوقت الحاضر وفي معيبها في يوم الدنيا إلى ما أخبر به من سوء عقباها في يوم الدين، ومن شرب الخمر ومات ولم يتب منها كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، ولو هدد شاربها في الدنيا من له أمر بأن يسقيه من بوله ورجيعه لوجد من الروع ما تحمله على الورع عنها، وإذا استبصر ذو دراية فيما يضره في ذاته فأنف منه رعاية نفسه لحق له بذلك التزام رعايتها عما يتطرق له منه درك من جهة غيره فيتورع من أكل أموال الناس بالباطل لما يدري من المؤاخذة عليها في العاجل وما أخبر به من المعاقبة عليها في الآجل، ولها في ذاته مضرة في الوقت بتعرفها من موارد القرآن بنور الإيمان