تكذيباً منهم {لو شاء الله} أي الذي له جميع الكمال عدم إشراكنا وتحريمنا {ما أشركنا} أي بصنم ولا غيره {ولا أباؤنا} أي ما وقع من إشراك {ولا حرمنا من شيء} أي ما تقدم من البحائر والسوائب والزروع وغيرها أي ولكنه لم يشأ الترك وشاء الفعل ففعلنا طوع مشيئته، وهو لا يشاء إلا الحق والحكمة لأنه قادر، فلو لم يكن حقاً يرضاه لمنعنا منه، وهو لم يمنعنا منه فهو حق.
ولما كان هذا عناداً منهم ظاهراً بعد وضوح الأمر بما أقام على صدق رسله من البينات، كان كأنه قيل تعجباً منهم: هل فعل أحد غيرهم مثل فعلهم هذا أو قال مثل ما قالوا؟ فقيل: نعم {كذلك} أي مثل ذلك التكذيب البعيد عن الصواب {كذب الذين} ولما لم يكن التكذيب عاماً أدخل الجار فقال: {من قبلهم} من الأمم الخالية بما أوقعوا من نحو هذه المجادلة في قولهم إذا كان الكل بمشيئة الله كان التكليف عبثاً، فكانت دعوى الأنبياء باطلة، وهذا القول من المشركين عناد بعد ثبوت الرسالات بالمعجزات وإخبار الرسل بأنه يشاء الشيء ويعاقب عليه لأن ملكه تام ومِلكه عام، فهو لا يسأل عما يفعل، وتمادى بهم غرور التكذيب {حتى ذاقوا بأسنا} أي عذابنا لما لنا من العظمة، فإن من له الأمر كله لا يسأل عما يفعل، فلم ينفعهم عنادهم عند ذوق البأس، بل انحلت عزائم همهم فخضعوا لنا وآمنوا برسلنا،