جميع شبههم، ونطقت الدلائل وأفحم المجادل، فبان أنه لا شاهد لهم بحق لأنه لا حق لهم، كان كأنه قيل: قل لهم: ها أنا قد شهد لي بما قلته مَن لا ترد شهادته وزكاتي الذي لا يقبل إلا تزكيته بهذا الكتاب الذي كان عجزكم عن الإتيان بشيء من مثله شاهداً بأنه قوله، فهل لكم أنتم من شاهد يقبل! ولما لم يكن لهم شاهد غير متخرصيهم، فإن المبطل يظهر باطله عند المحاققة سنة من الله مستمرة، فيظهر للمشهود لهم بما يلوح من بهتهم أنهم ليسوا على شيء، أمره سبحانه أن يأمرهم بدعائهم ليظهر خزيهم وتشتهر فضيحتهم فقال:{قل هلم} أي احضروا، وهي كلمة دعوة يستوي فيها المذكر والمؤنث والواحد والجمع عند الحجازيين {شهداءكم} .
ولما كان كأنه قيل: أيّ شهداء؟ قال:{الذين يشهدون} أي يوقعون الشهادة على {أن الله} أي الذي لا حكم لغيره {حرم هذا} أي الذي ذكرتموه من قبل، وإضافة الشهداء إليهم ووصفهم ب «الذين» دليل على أنهم معروفون موسومون بنصرة مذهبهم بالباطل، ولو قال: شهداء - من غير إضافة لأفهم أن المطلوب من يشهد بالحق وليس كذلك، لأنه أقيم الدليل العقلي على أنه لا حجة لهم وأن الحجة