{وكانوا شيعاً} كل فرقة تشايع وتشيع إمامها كالعرب الذين تحزبوا أحزاباً بالاستكثار من الأصنام، فكان في كل قطر لهم معبود أو اثنان فأكثر، وكأهل الكتاب الذين ابتدعوا في دينهم بدعاً أوصلتهم إلى تكفير بعضهم بعضاً وآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض، وكالمجوس الذين مزقوا دينهم باعتقاد أن الإله اثنان: النور والظلمة، وعبدوا الأصنام والنجوم وجعلوا لكل نجم صنماً يتوسل به في زعمهم إليه {لست منهم} أي من حسابهم ولا من عقابهم ولا من خلق الهداية في قلوبهم {في شيء} وفي هذا غاية الحث على الاجتماع ونهاية التوعد على الافتراق.
ولما خفف عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتبرئته منهم، أسند إلى نفسه المقدس ما يحق له في إحاطة علمه وقدرته، فقال جواباً لمن يقول: فإلى من يكون أمرهم؟ :{إنما أمرهم} أي في ذلك كله وفي كل ما يتعلق بهم مما لا يحصره حد ولا يحصيه عد {إلى الله} أي الملك الذي لا أمر لأحد معه غيره، فمن شاء هداه ومن شاء أعماه، ومن شاء أهلكه ومن شاء أبقاه لأن له كمال العظمة.
ولما كان الحشر متراخياً عن ذلك كله في الرتبة وفي الزمان، لا تبلغ كنه عظمته العقول، نبه على ذلك بالتعبير بأداة التراخي والتنبيه