للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاف وتشديد الياء المكسورة، وهو في قراءة الباقين بكسر القاف وفتح الياء الخفيفة مصدر بمعنى القيام وصف به للمبالغة، وزاده مدحاً بقوله مذكراً لهم - لتقليدهم الآباء - بأنه دين أبيهم الأعظم: {ملة إبراهيم} والملة ما أظهره نور العقل من الهدى في ظُلَم ما التزمه الناس من عوائد أمر الدنيا - أفاده الحرالي. ولذلك قال: {حنيفاً} أي ليناً هيناً سهلاً قابلاً للاستقامة لكونه ميالاً مع الدليل غير جاف ولا كز واقف مع التقليد عمى عن نور الدليل - كما تقدم ذلك في البقرة، وهو معنى قوله: {وما} أي والحال أنه ما {كان من المشركين *} أي الجامدين مع أوهامهم في ادعاء شريك لله مع رؤيتهم له في كونه لا يضر ولا ينفع ولا يصلح لشركة آدمي فضلاً عن غيره بوجه، لا ينقادون لدليل ولا يصغون إلى قيل، فكان هذا مدحاً لهذا الدين الذي هدى إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبياناً لأنه الذي اختاره سبحانه لخليله إبراهيم عليه السلام رجوعاً إلى

{وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} [الأنعام: ٧٤] الذي بنيت السورة في الحقيقة عليه، وألقيت أزمة أطرافها إليه، وترغيباً في هذا الدين لأن جميع المخالفين يتشبثون بأذيال إبراهيم عليه السلام: العرب وأهل الكتابين بنسبة الأبوة، والمجوس بنسبة البلد والأخوة، وأشار بذلك إلى أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهم ما حاج به أبوه إبراهيم عليه السلام قومه وقبله، فلم ينسب

<<  <  ج: ص:  >  >>