ولما عم في الكسب وحمل الوزر لئلا يقول متعنت أن خص هذا لك لا لنا، عم في المرجع أيضاً لمثل ذلك، فقال مهدداً لهم بعد كمال الإيضاح عاطفاً على ما أرشد إليه الإنكار من النفي في نحو أن يقال: إني لا أفعل شيئاً من ذلك، لا أبغي رباً غير ربي أصلاً، وأما أنتم فافعلوا ما أنتم فاعلون فإن ربكم عالم به:{ثم} أي بعد طول الإمهال لكم لطفاً منه بكم {إلى ربكم} أي الذي أحسن إليكم بكل نعمة، لا إلى غيره {مرجعكم} أي بالحشر وإن عمرتم كثيراً أو بقيتم طويلاً {فينبئكم} أي يخبركم إخباراً جليلاً عظيماً مستوفى.
ولما كان قد تقدم أنهم فرقوا دينهم، قال:{بما كنتم} أي جبلة وطبعاً، ولذلك قدم الجار ليفيد الاهتمام به لقوة داعيتهم إليه من غير إكراه ولا ذهول ولا نسيان فقال:{فيه تختلفون *} أي مع رسول وغيره، ويدينكم على جميع ذلك بما تستحقونه، وحالكم جدير بأن يعظم عقابكم لأنكم كفرتم نعمته؛ قال أبو حيان: حكى النقاش أنه روي أن الكفار قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفل لك بكل ما تحتاج إليه في دنياك وآخرتك، فنزلت هذه الآية - انتهى.
ولما قدم أنه المحسن إلى كل شيء بالربوبية، وختم بالتهديد بالحشر،