تمهيد الأسباب، محذراً من البغي والعصيان فقال موجهاً الخطاب إلى أكمل الخلق تطييباً لقلبه إعلاماً بأنه رباه سبحانه أجمل تربية وأدبه أحسن تأديب:{إن ربك} أي المحسن إليك {سريع الحساب} أي لمن يريد عقابه ممن يكفر نعمته لكونه لا حائل بينه وبين من يريد عقابه ولا يحتاج إلى استحضار آلات العقاب، بل كل ما يريد حاضر لديه عتيد
{إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}[يس: ٨٢] ، وفي ذلك تهديد شديد لمن لا يتعظ.
ولما هدد وخوف، رجّى من أراد التوبة واستعطف فقال:{وإنه لغفور رحيم *} معلماً بأنه - على تمام قدرته عليهم وانهماكهم فيما يوجب الإهلاك - بليغ المغفرة لهم عظيم الرحمة {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة}[النحل: ٦١] ، حثاً على عفو الرفيع من الوضيع، وتأكيده الثاني دون الأول ناظر إلى قوله {كتب على نفسه الرحمة}[الأنعام: ١٢] ، «إن رحمتي سبقت غضبي» لأنه في سياق التأديب لهذه الأمة والتذكير بالإنعام عليهم بالاستخلاف، وسيأتي في الأعراف بتأكيد الاثنين لأنه في حكاية ما وقع لبني إسرائيل من إسراعهم في الكفر ومبادرتهم إليه واستحقاقهم على ذلك العقوبة، وجاء ذلك على طريق الاستئناف على تقدير أن قائلاً قال: حينئذ