وابن منيع عن أبي هريرة رضى الله عنه، وأتبع ذلك أعظم ما ينبغي لابن آدم أن يعتبر فيه القسط من المأكل والمشرب فقال مكرراً النداء استعطافاً وإظهاراً لعظيم الإشفاق وتذكيراً بقصة أبيهم آدم عليه السلام التي أخرجته من الجنة مع كونه صفي الله ليشتد الحذر:{يا بني آدم} أي الذي زيناه فغره الشيطان ثم وقيناه شره بما أنعمنا عليه به من حسن التوبة وعظيم الرغبة {خذوا زينتكم} أي التي تقدم التعبير عنها بالريش لستر العورة والتجمل عند الاجتماع للعبادة {عند كل مسجد} وأكد ذلك كونُهم كانوا قد شرعوا أن غير الحمس يطوفون عراة.
ولما امر بكسوة الظاهر بالثياب لن صحة الصلاة متوقفة عليها، أمر بكسوة الباطن بالطعام والشراب لتوقف القدرة عادة عليها فقال:{وكلوا واشربوا} وحسَّن ذلك أن بعضهم كان يتدين في الحج بالتضييق في ذلك.
ولما أمر بالملبس والمطعم، نهى عن الاعتداء فيهما فقال:{ولا تسرفوا} بوضع شيء من ذلك فيما لا يكون أحق مواضعه ولو بالزيادة على المعاء، ومن ذلك أن يتبع السنة في الشرب فيسير لأن العكر يرسب في الإناء فربما أذى من شربه، ولذلك نهى عن النفس في الإناء لأنه ربما أنتن فعافته النفس، وأما الطعام فليحسن إناءه والأصابع لنيل البركة وهو أنظف، ثم علل ذلك بقوله:{إنه لا يحب المسرفين*}