لا يوجب عليه، أشار إلى ذلك بحرف الشك فقال:{إما} هي إن، الشرطية وصلت بها ما تأكيداً {يأتينكم رسل} ولما كانت زيادة الخبرة بالرسول أقطع للعذر وأقوى في الحجة قال: {منكم} أي من نوعكم من عند ربكم.
ولما كان الأغلب على مقصد هذه السورة العلم كما تقدم في {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين}[الأعراف: ٧] ويأتي في {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم}[الأعراف: ٥٢] وغيرها، كان التعبير بالقص - الذي هو تتبع الأثر كما تقدم في الأنعام - أليق فقال:{يقصون عليكم آياتي} أي يتابعون ذكرها لكم على وجه مقطوع به، ويتبع بعضهم بها أثر بعض لا يتخالفون في أصل واحد من الأصول.
ولما كان لقاء الرسل حتماً والهجرة إليهم واجبة لأن العمل لا يقبل إلا بالاستناد إليهم مهما وجد إلى ذلك سبيل، ربط الجزاء بالفاء فقال:{فمن اتقى} أي خاف مقامي وخاف وعيدي بسبب التصدق بالرسل والتلقي عنهم {وأصلح} أي عمل صالحاً باقتفاء آثارهم {فلا خوف} أي غالب {عليهم} أي بسبب ذلك من شيء يتوقعونه {ولا هم} أي بضمائرهم {يحزنون*} أي يتجدد لهم في وقت ما حزن على شيء فاتهم، لأن الله يعطيهم ما يقر به أعينهم، وكأنه غاية في التعبير لأن إجلالهم لله تعالى وهيبتهم له يمكن أن يطلق عليهما خوف.