فلم يؤمنوا بالغيب ولا أوقعوا الإيمان في دار العمل فلذا لم ينفعهم.
ولما وصفوه سبحانه بالإحسان لما كشف الحال عنه من حلمه وطول أناته، سببوا عن ذلك قولهم:{فهل لنا من شفعاء} أي في هذا اليوم، وكأنهم جمعوا الشفعاء لدخولهم في جملة الناس في الشفاعة العظمى لفصل القضاء؛ ثم سببوا عن ذلك تحقيق كونهم لهم أي بالخصوص فقالوا {فيشفعوا لنا} أي سواء كانوا من شركائنا الذين كنا نتوهم فيهم النفع أو من غيرهم ليغفر لنا ما قدمنا من الجرائم {أو نرد} أي إن لم يغفر لنا إلى الدنيا التي هي دار العمل، والمعنى أنه لا سبيل لنا إلى الخلاص إلا أحد هذين السببين؛ ثم سببوا عن جواب هذا الاستفهام الثاني قولهم:{فنعمل} أي في الدنيا {غير الذي كنا} أي بجبلاتنا من غير نظر عقلي {نعمل} .
ولما كان من المعلوم عند من صدق القرآن وعلم مواقع ما فيه من الأخبار أنه لا يكون لهم شيء من ذلك، كانت نتيجته قوله:{قد خسروا أنفسهم} أي فلا احد أخسر منهم {وضل} أي غاب وبطل {عنهم ما كانوا} أي جبلة وطبعاً، لا يمكنهم الرجوع عنه إلا عند عند رؤية البأس {يفترون*} أي يتعمدون في الدنيا من الكذب