فيما نشأ عنه تعريضاً برضاهم به ومشاركتهم فيه بما يمكنهم {وعتوا} أي تجاوزوا الحد في الغلطة والتكبر {عن أمر} أي امتثال أمر {ربهم} أي المحسن إليهم الذي أتاهم على لسان رسوله من تركها {وقالوا} زيادة في العتو {يا صالح ائتنا} .
ولما نزلوا وعيدهم له - حيث لم يؤمنوا به - منزلة الوعد والبشارة، قالوا:{بما تعدنا} استخفافاً منهم ومبالغة في التكذيب، كأنهم يقولون: نحن على القطع بأنك لا تقدر أن تأتينا بشيء من ذلك، وإن كنت صادقاً فافعل ولا تؤخره رفقاً بنا وشفقة علينا، فإنا لا نتأذى بذلك، بل نتلذذ من يلقى الوعد الحسن، وحاصله التهكم منهم به والإشارة إلى عدم قدرته؛ وأكدوا ذلك بقولهم بأداة الشك:{إن كنت من المرسلين*} أي الذين سمعنا أخبارهم فيما مضى؛ ثم سبب عن عتوهم قوله:{فأخذتهم الرجفة} أي التي كانت عنها أو منها الصيحة، أخذ من هو في القبضة على غاية من الصغار والحقارة، ولعل توحيد الدار هنا مع الرجفة في قصة صالح وشعيب عليهما السلام في قوله تعالى:{فأصبحوا في دارهم} أي مساكنهم، وجمعها في القصتين مع الصيحة، في سورة هود عليه السلام للإشارة إلى عظم الزلزلة والصيحة في الموضعين، وذلك لأن الزلزلة إذا كانت في شيء واحد كانت أمكن، فتكون في المقصود من النكال أعظم، والصيحة من شأنها الانتشار، فإذا عمت الأماكن المتنائية والديار المتباعدة فأهلكت أهلها ومزقت