{توعدون} أي تتهددون من يسلكه بكل شر إن لم يوافقكم على ما تريدون.
ولما كان طريق الدين أهم، خصه بالذكر فقال:{وتصدون} أي توقعون الصد على سبيل الاستمرار {عن سبيل الله} أي طريق من له الأمر كله؛ ولما ذكر الصدود عنه، ذكر المصدود فقال:{من آمن به} آي بالله فسلك سبيله التي لا أقوم منها؛ ولما كانوا لا يقنعون بمطلق الصد بالتهديد ونحوه، بل يبدون للمصدود شبهاً توهمه أنه على ضلال، قال عاطفاً:{وتبغونها عوجاً} أي وتطلبون السبيل حال كونها ذات عوج، أي تطلبون اعوجاجها بإلقاء الشبهات والشكوك كما تقول: أريد فلاناً ملكاً، أي أريد ملكه، وقد تقدم في آل عمران أن نصبه على الحال أرجح، وأن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح «ابغني أحجاراً أستنفض بها» يرجح نصبه على المفعولية - والله اعلم.
ولما كانت أفعالهم نقص الناس إما في الأموال بالبخس وإما في الإيمان والنصرة بالصد، ذكرهم أن الله تعالى فعل معهم ضد ذلك من التكثير بعد القلة في سياق منذر باجتثاثهم عن وجه الأرض وخصهم فضلاً عن تقليلهم ونقصهم، فقال عطفاً على قوله {اعبدوا الله} وما بعده من الأوامر والنواهي: {واذكروا إذ} أي حين {كنتم قليلاً} أي في العدد والمدد {فكثركم} أي كثر عددكم وأموالكم وكل شيء ينسب إليكم، فلا تقابلوا النعمة بضدها، فإن ذكر النعمة مرغب في الشكر.