بقّيت وفري وانحرفت عن العلى ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس
إن لم أشنَّ على ابن هند غارة ... لم تخل يوماً من نهاب نفوس
غير أن المعلق في البيت تقديري، وفي الآية تحقيقي، لأنهم أخبروهم أن الله تعالى نهى عن الكفر وأمرهم بإنذار كل كافر، فمتى تركوا ذلك لزمهم الكذب حتماً {وما يكون لنا} أي ما يصح وما يتفق {أن نعود فيها} أي ملكتم.
ولما كان الله سبحانه أن يفعل ما يشاء لا واجب عليه ولا قبيح منه، أشار إلى ذلك بقوله:{إلا أن يشاء الله} فذكر اسم الذات إشارة إلى أن له جميع الحمد لذاته؛ ثم ذكر صفه الإحسان عياذاً من أن يراد بهم الهوان فقال:{ربنا} أي خرق العادة فله ذلك، فهو من باب التذكر للمخاوف والإشراف على إمكان سوء العواقب للصدق في التضرع إلى الله تعالى والالتجاء إليه والاستعاذة من مكره، ولذلك أتى باسم الجلالة الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى وصفة الربوبية الملتمس بذكرها فعل ما يفعل لمربي الشفيق، فكأنه قال: إن عودنا في ملتكم غير ممكن عادة، والمحال عادة لا يقدر عليه إلا بقدر من الله، بل ولا توجه الهمم إليه، والله تعالى أكرام من أن يعود فيما وهبه لنا من هذا الأمر الجليل،