الإنقاذ من عذاب الإنذار الذي هذه سورته بخلاف ما مضى في الأنعام.
ولما لم يتضرعوا صادقين من قلوبهم معترفين بالحق لأهله كما يحق له، استدراجهم بإدرار النعم، فقال مشيراً إلى طول مدة الابتلاء واستبعادهم لكشف ذلك البلاء:{ثم بدلنا} ومظهر العظمة يؤيد الاحتمال الثاني {مكان} أي جعلنا {السيئة} أي النقمة {الحسنة} أي النعمة، وبين أنه مد النعمة بقوله:{حتى عفوا} أي بدل كثروا وكثرت نعمهم فلم يشكروا {وقالوا} مسندين الأمر إلى غير أهله {قد مس آباءنا الضراء} أي الشدة {والسراء} أي الرخاء والنعمة، معتقدين أن هذه عادة الدهر لا فعل الفاعل المختار.
ولما لم يعتبروا ويعلموا أن ذلك ممن يحب أن لا يعدل عن بابه ولا يغفل عن جنابه، وظنوا أن ذلك دأب الدهر وفعل الزمان، واستمروا على فسادهم في حال الشدة والرخاء، سبب عنه قوله:{فأخذناهم} أي بعظمتنا أشد الأخذ وأفظعه في الظاهر والباطن {بغتة} أي فجأة حتى لا ينفعهم التوبة، وأكد معنى البغت تحقيقاً لأمره بقوله:{وهم لا يشعرون*} فحق من سمع هذا أن يبادر إلى الرجوع عن كل مخالفة فيها خوفاً من الأخذ بغتة.
ولما بين تعالى ما كان قولهم مسبباً له من الأخذ بغتة، بين ما كان يكون ضد قولهم مسبباً له من البركات لو وقع بقوله:{ولو أن أهل القرى} أي هذه التي قصصنا أخبارها {آمنوا} أي بما أتاهم به رسلهم