ذلك بسبب طبعنا على قلوبهم إلا أنهم ما {كانوا} موفقين {ليؤمنوا} أي عند مجيئها، وقد أكد منافاة حالهم الإيمان باللام والكون أتم تأكيد {بما} أي بالذي {كذبوا} أي به، وحذفها أدل على الزجر من مطلق التكذيب وأوفق لمقصود السورة.
ولما كان تكذبيهم غير مستغرق للزمان الماضي، أدخل الجارّ فقال:{من قبل} أي قبل مجيء الرسل إليهم أو بتكذيبهم الواقع منهم للرسل فيما أتوا به عن الله من قبل الأخذ بغتة، أو من قبل مجيء الرسل بالآيات، فإنهم أول ما جاؤوهم فاجؤوهم بالتكذيب، فجوزوا على تكذيب الحق من غير نظر في دليل بالطبع على قلوبهم فأتوهم. بالمعجزات فأصروا على ذلك التكذيب ووقفوا لذلك الطبع مع حظوظهم، ومنعتهم شماختهم وشدة شكائمهم عن الإيمان لئلا يقال: إنهم خافوا أولا فيما وقع منهم من التكذيب فكانوا فيه على غير بصيرة، أو إنهم خافوا ثانياً ما قرعتهم به الرسل من الوعيد، فدخلوا جبناً فيما يعلمون بطلانه، فكان تزيين هذا لهم طبعاً على قلوبهم، فكأنه قيل: إن هذا العجب هل يقع في مثل ذلك أحد؟ فقيل: نعم، مثل ما طبعنا على قلوبهم حتى صارت مع الفهم لا تنتفع، فكأنها لا تفهم فكأنها لا تسمع {كذلك يطبع الله} أي الجامع لصفات الكبر ونعوت الجلال بما يجعل من الرين بما له