ولما كانوا بمعرض التشوف العظيم إلى معرفة قولهم بعد فعلهم، أخبر عن ذلك سبحانه بقوله:{قالوا} أي حال إلقائهم للسجود {آمنّا} أي كلنا {برب العالمين*} أي الذي خلق فرعون ومن قبله وما يعيشون به؛ ثم خصوا من هداهم الله على أيديهما تصريحاً بالمراد وتشريفاً لهما فقالوا:{رب موسى} ثم أزالوا الشبهة بحذافيرها - لأن فرعون ربما ادعى بتربية موسى عليه السلام أنه المراد - بقولهم:{وهارون*} وفي الآية دليل على أن ظهور الآية موجب للإيمان عند من ظهرت له، ولو أن الرسول غير مرسل إليه.
ولما صرحوا بالذي آمنوا به تصريحاً منع فرعون أن يدلس معه بما يخيل به على قومه، شرع في تهديدهم على وجه يمكر فيه بقومه ويلبس عليهم إيقافاً لهم عن المبادرة إلى الإيمان - كما بادر السحرة - إلى وقت ما، فاستأنف الخبر عنه سبحانه بقوله مصرحاً باسمه غير مضمر له كما في في غير هذه السورة لأن مقصود السورة الإنذار، وهو أحسن الناس بالمناداة عليه في ذلك المقام، وقصته مسوفة لبيان فسق الأكثر، وهو أفسق أهل ذلك العصر:{قال فرعون} منكراً عليهم موبخاً لهم بقوله: {آمنتم} أي صدقتم {به} أي بموسى تصديقاً آمنه من رجوعكم