{ألا إنما طائرهم} أي قدرهم الذي سبق في الأزل من الخير والشر فلا يزداد ولا ينقص {عند الله} أي الملك الذي لا أمر لغيره وقد قدر كل شيء، فلا يقدر على المجيء به غيره أصلاً {ولكن أكثرهم لا يعلمون*} أي لا علم لهم أصلاً فهم لا يهتدون إلى ما ينفعهم ويظنون أن للعباد مدخلاً في ذلك، فلذلك تراهم يضيفون الأشياء إلى أسباب يتوهمونها.
ولما كان هذا الذي قالوه يدل على سوء المزاج وجلافة الطباع بما لا يقبل العلاج، أتبعه ما هو شر منه، وهو أنهم جزموا بأنه كلما أتاهم شيء في المستقبل قابلوه بالكفر فقال:{وقالوا مهما} هي مركبة من «ما» مرتين: الأولى الشرطية والثانية تأكيد. قلبت ألف الأولى هاء استثقالاً، قيل: مه هي الصوت الذي يكون للكف وما الشرطية، أي كف عنك ما أنت فيه. ثم استأنفوا «ما»{تأتنا به} أي في أيّ وقت وعلى أيّ حالة كان؛ ثم بينوا المأتي به بقولهم:{من آية} أي علامة على صدقك، وهذا على زعمه، ولذلك عللوه بقولهم:{لتسحرنا} أي لتخيل على عقولنا {بها} وتلفتنا عما نحن عليه إلى ما تريد فنحن نسميها سحراً وأنت تسميها آية؛ ثم أجابوا الشرط بقولهم:{فما نحن} أي كلنا {لك} أي خاصة {بمؤمنين*} أي من أن نكذبك.