للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخص صفات موسى عليه السلام الرسالة والكتاب بشريعة مستقلة، ولم يأت منهم بعده من هو بهذه الصفة، لأن عيسى عليه السلام لم ينسخ من شريعة موسى عليه السلام إلا بعض الأحكام، وعلى تقدير دعوى ذلك فيه لكونه نسخ في الجملة وتسليم ذلك لا يتأتى قصده بهذا النص لوجهين: أحدهما أنه ليس من رجالهم إلا بواسطة أمه، فحق العبارة فيه: من بني أخواتهم - جمع أخت، وإذا أريد آباء أمه كان المجاز فيهم أبعد من المجاز في بني إسماعيل لما تقدم، ولا ينتقل إلى الأبعد إلا بقرينة تصرف عن الأقرب - والله أعلم. وقال السمؤال بن يحيى أحد أحبارهم في سبب إسلامه: إن اليهود يقولون: إن هذه البشارة نزلت في حق سموأل أحد أنبيائهم الذين بعد موسى لأنه كان مثل موسى عليه السلام في أنه من سبط لاوي، وقال: إنه رأى سموأل عليه السلام في المنام وأنه دفع إليه كتاباً فوجد فيه هذه البشارة فقال له: هنيئاً لك يا نبي الله ما خصك الله به! فنظر مغضباً وقال: أوإياي أراد الله بهذا يا ذكي! ما أفادتك إذن البراهين الهندسية، فقلت: يا نبي الله! فمن أراد الله بهذا؟ قال: الذي أراد في قوله: هوفيع ميهار فاران، وتفسيره إشارة إلى نبوة وعد بنزولها على جبال فاران، فعرفت أنه يعني المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه المبعوث من جبال فاران وهي جبال مكة، ثم قال: أو ما علمت ان الله لم يبعثني بنسخ شيء من التوارة، وإنما بعثني أذكرهم بها وأحيي شرائعها

<<  <  ج: ص:  >  >>