للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان صادقاً عن علام الغيوب من غير مؤيد وكذا ما بعده.

ولما ذكر ما حباهم في القفار، أتبعه إنعامه عليهم عند الوصول إلى الدار فقال: {وإذ} أي اذكر لهم هذا ليصدقوك أو يصيروا في غاية الظلم كأصحاب السبت فيتوقعوا مثل عذابهم، واذكر لهم ما لم تكن حاضره ولا أخذته عنهم، وهو وقت إذ، وعدل عن الإكرام بالخطاب ونو العظمة، لأن السياق للأسراع في الكفر فقال: {قيل لهم اسكنوا} أي ادخلوا مطمئنين على وجه الإقامة، ولا يسمى ساكناً إلا بعد التوطن بخلاف الدخول، فإنه يكون بمجرد الولوج في الشيء على أيّ وجه كان {هذه القرية} . فهو دليل آخر على الأمرين: الصرف والصدق؛ وعبر هنا بالمجهول في {قيل} إعراضاً عن تلذيذهم بالخطاب إيذاناً بأن هذا السياق للغضب عليهم بتساقطهم في الكفر وإعراضهم عن الشكر، من أيّ قائل كان وبأيّ صيغة ورد القول وعلى أيّ حالة كان، وإظهاراً للعظمة حيث كانت، أدنى إشارة منه كافية في سكناهم في البلاد واستقرارهم فيها قاهرين لأهلها الذين ملؤوا قلوبهم هيبة حتى قالوا {إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها} [المائدة: ٢٤] .

ولما خلت نعمة الأكل في هذا السياق عما دعا إليه سياق البقرة

<<  <  ج: ص:  >  >>